مقتطفات من لقاء مع د. على الغامدي رئيس اللجنة الوطنية لسلامة المرور نشر بعكاظ عدد 12416 الخميس 24 اغسطس 2000 المشكلة المرورية لها طبيعة معقدة ذلك ان العنصر البشري " سائق ومشاة وركاب " يمتزج مع عناصر جامدة تحمل صفة الفنية " الطريق والمركبة " وكذلك عوامل متقلبة لها تأثيراتها على الحركة المرورية مثل " الطقس والليل والنهار واوقات الذروة واستعمالات الارضي" ففي معظم دول العالم يقف العنصر البشري المتمثل في السائق على رأس العوامل الثلاثة ولكن في الدول النامية مثل المملكة نجد مساهمة السائق قد تتجاوز الـ 90% بينما تقل عن 60% في الدول المتقدمة تجاة المساهمة في وقوع الحوادث. ففي المملكة العربية السعودية يقع سنويا ما لا يقل عن ربع مليون حادث مروري يذهب ضحيته اكثر من اربعة الآف وفاة " فقط من يموت في موقع الحادث " ونحو ثلاثين الف مصاب من بين هؤلاء من يخرج باعاقة مستديمة تبقى معهم طوال الحياة ويصل عددهم الى الفي شخص سنويا. وأن ثلث أسرة المستشفيات مشغولة بمصابي الحوادث. واذا ما اعتبرنا من يموت اثناء العلاج فيمكن القول ان هناك قتيلا كل ساعة ونحو اربعة مصابين. وتقول التقديرات المتحفظة جدا ان خسائر الحوادث قد تصل الى نحو سبعة مليارات ريال سنويا وتقديرات اخرى ترفع الرقم الى 21 مليار ريال أي على شكل فاقد سنوي يقدر بنسبة 4% من الناتج الوطني. وتؤكد الاحصاءات والدراسات على ان السرعة الزائدة تتسبب في 43% من الحوادث المرورية المسجلة رسميا، و14% من الحوادث مرده لقطع الاشارة، و 20% من حوادث المرور يشترك فيها صغار السن ممن لا يحملون رخص قيادة وأن معظم حوادث صغار السن ينجم عنها وفيات أو اعاقات مستديمة. لقاء
مع الدكتور فهد بن صالح العريفي
استشاري طب الطوارئ وإسعاف
الأطفال نشر بالرياض العدد 11759 السنة 37 الأحد 3 سبتمبر 2000
وألقى باللائمة لوقوع أي حادث على السائق مبينا أنه في المملكة ومن خلال التقييمات السطحية للتقارير الأولية وجد أن الطريق والمركبة ليسا عاملا أساسيا في الحادث وإنما وجد أن أكثر من 70% من حوادث السير كان سببها السائق نفسه. لا نطيل عليكم نترككم مع ما قاله الدكتور فهد العريفي والذي بدأ حديثه قائلا : ما هو حجم المشكلة؟ يقول الدكتور فهد العريفي: إن معظم الحوادث تنتج عن مشاكل في الطريق أو مشاكل في تصرف السائق وأخيرا مشاكل في المركبة ولو تم تحليل للأسس الثلاثة لأي حادث فمن حيث الطريق تعتبر المملكة من إحدى الدول المتقدمة في الطرق الحديثة خاصة وأن طابع المواصلات فيها هو الطرق المزدوجة. ومن ناحية المركبات تتميز المركبات الموجودة في المملكة بعمر افتراضي لا يتجاوز الخمس سنوات وعند مقارنتها بالدول الأخرى نجد أن العمر الافتراض لديهم أكثر من سنة. إذن نحن نتعامل مع طرق جيدة ومركبة جديدة ولكن يبقى السبب الآخر وهو المهم هو السائق ففي معظم الدول تقول الإحصائيات إن السائق هو المسؤول عن وقوع الحادث بنسبة (40%) ويكون الطريق مسؤولا عن (30%) ثم النسبة الباقية (30%) تنتج عن خطأ ميكانيكي في المركبة نتج عنه وقوع الحادث وهذا في معظم دول العالم. ولكن في المملكة وجد وللأسف الشديد من خلال التقارير المرورية أن الطريق ليس عاملا أساسيا في حادث السيارة وكذلك المركبة وإنما تبين أن أكثر من (70%) من حوادث السير كان سببها يعود لتصرفات السائق إذن هي تصرف أكثر من سبب. فداحة في التصرف يوضح الدكتور العريفي بقوله: لو نظرنا إلى المعادلة التي تبين مدى قوة حوادث السيارات في المملكة لنجد على سبيل المثال وهذا المثال يبين فداحة التصرف الذي يحدث من قبل السائقين ففي دول أمريكا هناك قتيل لكل 285 حادثا لو نظرنا النسبة في المملكة نجد أن هناك قتيل لكل 35 حادثا ليتبين أن الحوادث في المملكة عندما تحدث فإنها تحدث بقوة مما يشكل أن السرعة الزائدة كانت في أكثر من (60%) من حوادث السير في المملكة. إحصائية أخرى هناك إحصائية أخرى أثبتت أن 60% من الحوادث كان سببها السرعة الزائدة و30% سبب مخالفة أساسية و10 كان سببها تصرف أرعن من قائد المركبة ومن هذه الأسباب يتضح أن السبب الرئيسي يعود لأخلاقيات السائق في هذا الإطار. صغار السن وجد أن (50%) من أسباب حوادث السير تحدث عن صغار السن (تحت 20 سنة) وهو سن المراهقة والطيش العقلي!! فنحن نتعامل مع مشكلة التوعية وليست مشكلة طريق أو مركبة!! الضحايا تبين من إحصائيات وزارة الصحة والداخلية أن أكثر من (8000) قتيل سنويا وهنا لابد من التوضيح أكثر حيث تبين أن الإحصائيات الرسمية الصادرة من وزارة الداخلية تقول إن عدد الوفيات سنويا يتراوح ما بين 3000 ـ 4000 قتيل وهي تشمل جانب الذين يلقون حتفهم في الحال دون الذين يدخلون المستشفى ويتوفون في الثلاثين يوما التالية لوقوع الحادث. وأوضحت وزارة الصحة أن أكثر من 60% من المصابين الذين تم نقلهم للمستشفى يتوفون لاحقا وهذا ما رفع النسبة إلى (8000) قتيل سنويا ولو قمنا بتقسيم هذا العدد على أيام الأسبوع أو الساعات في اليوم أن هناك قتيلا لكل ساعة وأربعة جرحى!؟ كل هذه النسبة مخيفة جدا جدا . تكلفة المتوفى إن تكلفة إنسان متوفى لا ينظر لها في أي حال من الأحوال على أنها كم قيمة السيارة مثلا لكن ننظر للتكلفة الشاملة. ويضرب الدكتور العريفي هنا مثلا فيقول: لو وقع حادث لطالب في المرحلة الثانوية وتوفي هذا الطالب في حادث مروري أيا كان يجب النظر في هذه الحالة إلى الخسارة التعليمية والصحية التي استثمرت في هذا الطالب فقد أجري حساب لحالة طالب توفي في المرحلة الثانوية (18) سنة فلو حسب أن الدولة تخسر على هذا الطالب تعليميا كم تكلفة هذا الطالب على والديه من حيث المعيشة والملبس لو جدنا اننا نتكلم عن ما يعادل (380 ـ 400) ألف ريال لكل قتيل في هذا السن. ما هي الخسارة يؤكد الدكتور العريفي أن المملكة تفقد ما يعادل (21) ألف مليون ريال سنويا جراء الحوادث وهذا الرقم يعادل (60) مليون ريال يوميا أي (2.5) مليون كل ساعة في اليوم كلها نفقدها بسبب حوادث السيارات. وهنا يجب أن نعرف أن جميع الحوادث تحدث في سرعة جنونية عالية وأن أخلاقيات السائق هي السبب الرئيسي في وقوع الحادث. %20 من الضحايا أطفال في نوعية الوفيات نحن نزيد عن أمريكا خمسة أضعاف عن ما هو موجود بها من حوادث وهنا المصيبة الأكبر أن أكثر من 20% من الضحايا هم من الأطفال وهي ما يعادل (10) أضعاف عن الحال في الدول المتقدمة. اننا نتعامل مع مشكلة أكبر من أمراض السرطان والقلب لقد أصبح الناس فاقدين للوعي. حوادث الطائرات ويؤكد الدكتور العريفي في حديثه لنا أن لوسائل الإعلام دور في تضخيم حوادث الطائرات كموت جميع ركاب الطائرة ويوضح ما ذا كانت ذكرياتهم ومخططاتهم ولكن لم يذكر مثلا ماذا حدث لعوائل فقدت كاملة بسبب حوادث السيارات. لذلك من خلال الإحصائية السابقة وهي (8000) قتيل لدينا سنويا لوجدنا اننا نحتاج إلى تحطم 40 طائرة. إذا كان في كل طائرة 200 راكب وهنا يأتي دور الإعلام. فلو تعاملنا مع حوادث الطائرات لوجدنا انها أسلم وسيلة للنقل فهناك إحصائية أخيرة تقول إن لكل 100 مليون مسافر هناك نصف قتيل لكن في دول العالم مثل أمريكا لوجدنا أن لكل 5000 مسافر في السيارة هناك قتيل واحد. وقال إن التوعية ضرورية ويجب أن لا تقتصر على جهات المرور بل تشمل جميع الجهات لذلك نجحت الدول المتقدمة نجاحا منقطع النظر لما أولت للتوعية من أهمية شملت بها برامج توعوية قامت بها جميع الجهات. المجال الطبي مهم وطالب الدكتور فهد العريفي مشاركة المجال الطبي في عملية التوعية لأنه له الأثر في نقل الرسالة كأصدق وأكثر تفاعل من رجال المرور. وبين بقوله: يجب أن يؤخذ هذا المأخذ بالشك في كفاءة رجال المرور فنحن والمرور معادلة مكملة. لكي أحصل على برنامج توعوي ذي تأثير يجب أن تكون أطراف المعادلة: طبيب + إسعاف + رجل المرور + كل من له علاقة في نقل المصابين كلها تؤدي إلى برنامج توعوي صحيح. الخدمات الإسعافية وأوضح أن هذا الجانب يظلم فيه رجال الإسعاف أكثر من غيرهم وهناك دراسة تدعو إلى الضحك نوعا ما حيث وجد أن (6%) فقط من المجتمع السعودي يعرف رقم الإسعاف (997) والباقون لا يعرفون. وعي المواطن يضيف الدكتور العريفي بقوله: إن المواطن قد يكون معذورا نوعا ما لأن عملية التعامل مع الطوارىء يجب أن تكون ضمن الأشياء التعليمية فعلى سبيل المثال لو ذهبت إلى المدارس الأجنبية على مستوى الروضة لوجدت أن من ضمن الدروس التي يتلقونها هي كيفية التعامل مع الحريق ومعرفة المخارج الآمنة لذلك نجد أن جانب السلامة غير موجود في مقررات المدارس لدينا وهذا مع الأسف الشديد. فعلى كل أب أسرة وكل مسؤول يعطي خطة بسيطة للهروب من الحريق مثلا . الأرقام لا تكفي إعطاء المعلومة لابد لها من تغيير فأرقام الحوادث لا تكفي في التوعية مالم يكن هناك أهمية في توضيح مثلا : ربط حزام الأمان فعلى سبيل المثال هو مثل حقيقي لو لم يتم ربط حزام الأمان وحصل حادث بسرعة 80 كم/ساعة فإن ذلك يعادل السقوط من ارتفاع 10 طوابق أي حوالي 28 مترا . ولو كان هناك حادث وقع في سرعة 160 كم/ساعة فهذا يعادل السقوط من برج إيفل فبهذه الطريقة نقتنع بربط حزام الأمان. وهناك معلومة أخرى وهي تقول: على الشخص الذي يربط حزامه يجب أن يكون لديه عضلات قادرة على رفع 8000 كلجم ليحمي نفسه من وقوع حادث بسرعة 50 كلم وهنا بطل العالم لا يتحمل 500 كلجم. وكل هذه المعلومات بما تقدم بهذا الأسلوب له تأثير واقعي مهم. لذلك جاء دور رجال الطب لأن الأطباء ينقلون صورة الضحية ولديهم المعلومات الفيزيائية للجسم عند وقوع الحادث. للأمهات فقط وبعض الأمهات يحتضن أطفالهن في المقعد الأمامي فلو وقع حادث لهن وجد أن الطفل يتعرض إلى ضغط ما بين السيارة وجسم أمه يزيد عن 1500 كلجم. فتخيل ذلك الطفل الذي وزنه لا يتعدى 3 كلجم فجأة يتعرض لكمية من الضغط!! |
حقوق النشر مفتوحة 1421 هـ 2000 م |