منتديات حوار الشبكة في أعين المشاركين (1)
عماد الدين
نظرة تمهيديّة
لعلّ أوّل منتديات الحوار العربيّ كانت "الجلسة"
و"الساحة العربيّة" فمنتدى "الجارح".. ويتضح من استعراض كل من هذه المواقع، أنها
تدار من الإمارات العربيّة المتحدة، ودولة قطر..
وتمتاز هذه المواقع الثلاثة، بتكاملها في كثير من النواحي. فهي ليست مجرد
مواقع للحوار المكتوب، بل نرى كلاً منها موقعاً يشمل أقساماً كثيرة، منها صفحات
الحوار.
وهذا عكس ما رأيناه العام الماضي، من تكاثر مواقع الحوار العربيّ، التي لا توجد
فيها سوى صفحات للحوار المكتوب بين الرواد.. كما امتازت تلك المواقع الثلاثة،
باحتواء كل منها على غرفة للدردَشة، وهذا ما لا نراه في المواقع
المستجدّة، لأسباب كثيرة، سنصل إليها في خضمّ هذا البحث، إن شاء الله..
منافسة و تراجع ونجاح
بدأ التنافس بين هذه المواقع الثلاثة على أشدِّه، منذ ظهورها، أواخر 1997 وبداية
1998، وكان السَبَق -في البداية- لموقع الجلسة، إلاّ أنَّ الساحة
العربيّة، أصرَّت على التفوّق وكان لها ما أرادت .
ولكن بجهد وتصميم ومتابعة ومثابرة دون كللٍ أو ملل، فيما تراجعَ الجارح إلى
المرتبة الثالثة، والجلسة إلى المركز الثاني رغماً عنهما. وأقول للحقيقة، إن مَن
تابعَ مشوار المنافسة بين هاته المواقع الثلاثة، رأى السبيل إلى النجاح مليئاً
بالأشواك والصعوبات، وأنّ الفشَل ينتظر كلّ مَن لا يستطيع مواكبة التقدّم،
بإصرار، و متابعة يوميّة حثيثة..
فقد استعملت كل من المواقع الثلاثة برنامجاً خاصاً بها للحوار المكتوب، وغرفة
للدردشة. وكان برنامج موقع الجلسة من أجمل برامج مواقع الحوار العربية الثلاثة،
سواء صفحات حوار الجلسة، أو غرفة الدردشة..
ولكن هذا الامتياز في جمال الإخراج، راح يتراجع مع الأيام، وبإصرار مشهود
لأصحاب الساحة العربيّة، التي أصرّت على عدم تغيير البرنامج، بل متابعة تطوراته
يوماً بعد يوم، فيما ركنَت الجلسة والجارح إلى الاكتفاء بعدد الروّاد المناسب،
والكم المناسب من عدد المشاركات اليوميّة، في كل منهما..
إدارات المنتديات
لم تكن هناك حاجة لكلمة مرور لإدراج المقالات في تلك المواقع الثلاثة، بل
كان كل مشارك يستطيع الكتابة بأكثر من اسم مستعار، وبدون كلمة مرور. ولم يكن
الدخول إلى غرف الدردشة بحاجة إلى كلمة مرور، أيضاً. وكان المركب يسير بهذه
المواقع الثلاثة، والمنافسة تشتد بين الجلسة والساحة العربية، ولا أدري لماذا
ابتعدت الجارح عن هذه المنافسة، على الرغم من فتحها المجال واسعاً، لكتابة ما طاب
للرواد، بلا رقيب أو حسيب. واتخذَ هذا التنافس أشكالاً مؤسِفة، أحياناً كثيرة،
وبكثير من قلة الأدَب، سواء من رواد هذا الموقع أو ذاك، أو ربما بتوجيه ودعم من
إداراتِ المواقع المذكورة، للتأثير على نفسيّات الرواد، ودفعهم إلى هجران الموقع
س إلى الموقع د..
أسرار وراء النجاح
كان توفيق إدارة الساحة العربيّة في اختيار العدد المناسب من المراقبين،
عاملاً حاسماً في التقليل ما أمكن، من تأثيرات الأذى الذي تتعرض له
صفحاتها وروادها، فيما كانت الرقابة في الجلسة ضعيفة نسبياً، فضلاً عن
السلبيّة الكبيرة للرقابة في "الجارح".
وبذلك، بدأ الرواد يشعرون بالراحة النفسيّة في مشاركاتهم في الساحة
العربيّة، أكثر مما يجدونها في الموقعين الآخرَين..
ومرّت الأيام، لنجد أن الساحة العربيّة وضعت شرط كلمة المرور لإدراج المقالات
في صفحاتها، وكذلك الدخول إلى غرفة الدردشة، فيما بقيَ الأمر على حاله في
منتدى الجلسة والجارح، حيث كنا نرى الكثير من المقالات، يكتبها أشخاص بأسماء
غيرهم، لتقع فتنة كبيرة بين الرواد، أو نرى مَن يدخل باسم غيره إلى غرف الدردشة،
وتتكاثر الفتنة أيضاً، في هذا المجال.. فيما كرّسَت الساحة العربيّة
نجاحها، بالتطوير الدائم لبرنامج الحوار و الدردشة في موقعها..
ويتضح بعد هذه الأيّام، أنّ كلاً من الجلسة والجارح ليسا إلاّ موقعين تجاريَّين،
كان هدفهما الربح، فيما تبتعد الساحة العربيّة عن هذه الصفة، خاصة بعد انفصالها
عن فارس نت، واستقلالها بمزود مستقل، واسم "الساحات" على العنوان:
(http://209.39.13.51.:81/sahat)..
إغلاق وافتتاح وغموض
ومع إغلاق الجلسة لفترة امتدّت جلّ عام 1998، لأسباب غير معروفة، كان المجال
مُشرَعاً كي تبقى الساحة العربيّة في الصدارة، على الرغم من افتتاح موقع
جديد باسم منتدى العرب، كان منزوياً بشكل يضع علامات استفهام كبيرة لدى
المتابعين. وربما كان برنامج منتدى العرب حينها، السبب الرئيس في ذلك، أو
ربما لأسباب أخرى، لم أجد لها تفسيراً، حتى الآن.. لكنني أُرَجح أنَّ السرّ يكمن
في "ساحة الحوار" التابعة للساحة العربية، حيث أثبتت نجاحها في لمّ
شمل روادها بشكل حميم، فضلاً عن أنّ الخطاب الحيّ كان في بدايته وله سحر
خاص يجذب الكثيرين، فيما لم يحتوِ منتدى العرب على غرفة للدردشة، وكانت لدى
الجارح غرف دردشة متفرقة، حسب الطلب، وهو ما لم يكن له سحرَ ساحة الحوار..
كان رواد الساحة العربيّة يجتمعون في ساحة الحوار، وكثيراً ما كانت
اجتماعاتهم تثمر عن مقالات كثيرة في صفحات الساحة العربيّة ، وخاصة في
الساحة الأدبيّة، وساحة الأصدقاء، وربما الساحة المفتوحة..
لاعبون جدد.. ومفاجأة!
لكن مواقع الحوار العربي بدأت بالتكاثر، بداية 1999، وكان أوّلها "سوالف" على
العنوان: (www.sawalif.net/sawalif1/ubbcgi)!!! أدهشَت "سوالف" كلّ مَن رآها،
ووضعت علامات استفهام كبيرة لدى الجميع.. إذ كيف أمكنها استنساخ برنامج الساحة
العربيّة، وافتتاح موقع لا يختلف عنها إلاّ بالألوان فقط؟!
ورأينا جميعنا، كيفَ نجحت سوالف نجاحاً تحسَد عليه، خلال فترة بسيطة جداً..،
ولأَسباب كثيرة، سنصل إليها بعد قليل، إن شاء الله.. ويبدو لي أنَّ إدارة منتدى
العرب (www.arri.com/arbcgi) كانت تحدِّث نفسها بتغيير برنامجها، ليكون مشابهاً
لبرنامج الساحة العربيّة، ولكنها كانت تتردّد في ذلك ..
ولكن، وبعد تحقق نجاح سوالف، زالَ كل تردّد لدى منتدى العرب ، وعدلت برنامجها
بنسخة جديدة من الفئة ذاتها.
وعاد الرواد لانتقادها، في استنساخها برنامج الساحة العربيّة، فأفصحت
إدارة منتدى العرب عن أنّها لم تستنسخ أيّ شيء، لأنّ هذا البرنامج ليس إلاّ
برنامجاً جاهزاً للحوار، يُباع كأيّ سلعة، من إحدى الشركات الأجنبيّة المتخصصة،
ولكن ينبغي ترجمته إلى العربيّة..
وكُشِفَ بذلك، السرّ الذي خفِيَ عن الجميع طوال عامين اثنين، وهو أن البرنامج
يمكن شراؤه بمبلغ زهيد، وبدأت حمّى تكاثر المواقع العربيّة للحوار:
المنتدى السعودي ، و
سبلة، و
الشاطئ،
و شروق، و
شمس الإسلام، و
طريق
الإسلام، و المنتدى الفلسطيني،
و ديوان الفـهد،
و سواحل، و
المركاز،
و دنياالمحبة، و
الجهراء،
والملتقى العربي،
والقلعة،
وكنوز،
وكيوكات، و
المُجاور، و
مجالس السـاهر، و
نقاشات، و
نسيج، و منتدى
الوادي، و منتدى أوراق،
و منتدى لينكس
العرب، و زوايا نورة، و
الأروقـة
العربيـة، و حوار،
و الحوار الطبي،
و دردشــة، و
الديوانيّة، و
منتدى الرسّ، و
ملتقى الفكر الراقي.
لماذا تعدّدت منتديات
الحوار؟
كانت الأسباب كثيرة لتعدد منتديات الحوار، ولعلّ
أبرزها:
الشعور بالضيم والظلم في مواقع الحوار الموجودة. وكان أوّل المواقع التي
افتتحت لهذا السبب بالذات، هو "المحيط" ثمّ "سوالف"..
الشعور بالعجز، أمام حملات أغلب المواقع الموجودة للترويج إلى أفكارها ومذاهبها،
وتعمّدِها إلغاء الآخر، بشكل كبير من الحدّة والغلظة. وكان أوّل هذه المواقع التي
نشأت نتيجة ذلك، "أنا العربي"، ثمّ "الملتقى العربيّ"…
توسيع نطاق مواقع الحوار بشكل أفقيّ. ومن هذه المواقع: ""الساهر" ومجلس كيوكات..
فتح المجال للأصدقاء للحوار ما بينهم، ومن هذه المواقع: "الساحة العربيّة"،
و"ديوان الفهد"، و"شروق"، و"القلعة".
الدعوة والإرشاد بشكل أكثر تخصُّصاً، ومن هذه المواقع، "سحاب"، و"هجَر".. وربما
"منتدى العرب"..
التفاعل بين مشرق ومغرب الوطن. وهنا نجد موقعاً وحيداً حتى الآن، وهو "الأروقة
العربيّة" من المغرب الشقيق.
الهدف التجاري البحت. ومن هذه المواقع: "الجارح"، و"أينَ"، ومنتدى شبكة DITnet،
و"منتدى الرس"..
وأخيراً، لا بد من ذِكر فئة جديدة ظهرت منذ فترة ليست بالطويلة، وهي فئة مواقع
الحوار الفكريّ المفتوح:
فلا يخفى على المتابع الحذِق لمنتديات الحوار العربيّة، أنَّ كلاًّ منها ينتمي
إلى بلد بعينه، على الرغم من المحاولات الكثيرة ، الناجحة منها والفاشلة، لترويج
أنَّ منتدياتهم للمسلمين في كل مكان، بغض النظر عن جنسيتهم أو انتماءاتهم
السياسيّة، أو المذهبيّة، أو غير ذلك من الانتماءات، باستثناء "دنيا المحبة"،
الذي أعلن بصراحة، منذ افتتاحه أنه لا ينتمي إلى أي بلد، ويرفض حصره ضمن إطار أيّ
دولة عربيّة، أو إسلاميّة. ونأمَل أن نرى مع الأيام اتساع شريحة مواقع الحوار
الفكريّ المفتوح، والملتزم.
هل تعدّدت اتجاهات المنتديات الفكرية والعلميّة
والأدبيّة؟
الجواب باختصار، أن التعدد مفقود، على الرغم من كثير من المحاولات. بل يظهر وبشكل
حادّ تكوين اتجاهات، أو مسارات، محدّدة، تضع كافة المواقع ضمن خندقَين، أو ثلاثة،
لا أكثر، حتى الآن..
ويمكن تلخيص هذه الاتجاهات الفكريّة بما يلي:
· المنهج السلفيّ %70.
· المنهج العلماني %10.
· المنهج الشيعيّ %5.
· اتجاهات أخرى..
ويعود منتدى "دنيا المحبّة"، وربما "ديوان الفهد"
للشذوذ عن هذه القاعدة، فكل منهما مازال يُحلِق خارج السرب، لكن قد يكون ذلك إلى
حين..
أما الاتجاهَان، العلميّ والأدَبي، فهما سواء، بين مدّ وجذر، وإن كان منتدى سحاب
يثبت، حتى الآن، نجاحه في استقطاب الكمّ الأكثر من عدد المشاركات، في
هذا الخصوص.
أصحاب المنتديات يتكبدون تكاليف ماديّة ومعنويّة ،
فما هو المقابل ؟
في الواقع، ومن خلال ما أراه في الإنترنت العربيّ، أنَّ المقابل
لهدر التكاليف الماديّة والمعنويّة ، يكاد يكون معدوماً، وخاصة الجانب الماديّ..
وهذا يعكس نقطة ضعف كبيرة في الوعي لدى رواد
منتديات الحوار.. فهل ينتظرون أن ينهار المنتدى بما فيه؛ أم يرتمي الموقع (من
تأثير الضغوط الماديّة المتراكمة يوماً بعد يوم)، في أحضان أيّ شركة، أو
تنظيم، يُقدِّم له الدعم الماديّ؟!..
فيما يتراوح تأثير الجانب المعنويّ بين منتدىً وآخر.. ففيما نرى منتدى "شمس
الإسلام" يُغلق أبوابه طوعاً، بعد افتتاحه بأسبوعين فقط، خشية الله تعالى، ممّا
تراكم من مقالات مؤسفة عن الإسلام والمسلمين، نجد "أنا العربيّ" أُغلِقَ كَرهاً،
كما نجد منتديات أخرى تتباهى بكثرة روّادها
ومقالاتها، بغض النظر عن النوع. فالمطلوب فقط، أكبر قدر من الضجيج.. وكذلك نجد
منتديات بين بين.. وأمّا الحصاد، فيوم الحصاد.. حيث
لا ينفع مالٌ ولا بنون، إلاّ مَن أتى اللهَ بقلبٍ سليم.
لماذا ازدادت شعبية بعض المواقع؟
يمكننا، كما رأينا في التمهيد، حيث تناولنا أسباب نجاح الساحات ، أن
نستنتج أسباب نجاح أربعة نماذج أخرى من منتديات
الحوار:
· أسباب نجاح سحاب
نرى من الأسباب التقنيّة، اعتماد سحاب على التخفيف ما أمكن، من الصور، في
صفحاتها، مع منع إمكانية إدراج الصور في المقالات، وكذلك استخدام لغة
HTML، وهو ما جعل من مزودها سريعاً بما فيه الكفاية، بحيث يشعر الرواد على
كثرتهم، بالراحة أثناء تجوالهم بين المقالات..
ومن الأسباب الأخرى: طاقم مناسب من المراقبين، وتعمد
غض النظر عن التعصّب لفئة دون أخرى، وهو ما يُشعل مقالاتها نيراناً تلفت الأنظار،
وتجذب أكبر عدد ممكن من المتحمّسين.. وتوفير منبر الفوتوشوب (وهو نقطة مضيئة
في المنتديات العربية)، حيث قدم المشرف otb9 جهداً لم يعهده أحد في
كافة منتديات الحوار العربيّة، جعل منبره نموذجاً
يدعو إلى الفخر.. ولا حسَد!
· أسباب نجاح منتدى العرب
الصبر، ثمّ الصبر، ثم الصبر! على الرغم من كثرة أخطاء المراقبين في النصف
الأول من العام الماضي.
· أسباب نجاح أنا العربيّ
الديمقراطيّة الغربيّة، التي تخطف الأبصار.
· أسباب نجاح "هجر"
كان أول سبب في نجاح هجر، شراؤه "صفحة النقاش الإسلاميّة" من منتدى "أنا
العربيّ"، وهذه الصفحة كان لها طعم خاص، جعلها كعلمٍ في رأسِهِ نار،
فانتقلت هجر فجأة، من ظلمة التغييب إلى الأضواء الكاشفة..
وكانت حوادث تخريب أنا العربي المتتالية، تدفع رواده إلى الهجرة إلى "هجر"، أو
الانتقال إلى "الملتقى العربيّ". ومن الصعب التفريق بصراحة، بين منتدى هجر
والملتقى العربيّ، وكأنهما يخضعان لإدارة واحدة..!
وننتقل الآن إلى سؤال يفرض نفسه، وهو :
ما هي أسباب انحسار نجاح بعض المنتديات العربيّة؟
نجد ثلاثة نماذج، يمكنها تسليط الأضواء على هذه الإجابة:
· النموذج الأوّل: الساحة العربيّة - تجارب وتجارب
لا يستطيع أحد إنكار أن الساحة العربيّة خسرت العام الماضي، كثيراً من رصيدها
في النجاح، مُفسِحَة المجال للمنتديات الأخرى لتدخل حلبة سباق المواقع. ومن
أهم الأسباب :
ازدياد عدد الرواد بشكل مفاجئ لم تعرفه منتديات
الحوار العالميّة، فضلاً عن المنتديات العربيّة، وبشكل اضطرّ إدارة الساحة
العربيّة إلى التخلي عن برنامجها، الذي اعتمدَته طوال عامين من انطلاقتها، وبعد
عجز الشركة الأجنبيّة المنتجة، عن إيجاد حلّ لهذا الضغط غير المعهود، من رواد
الساحة العربيّة..
كان البرنامج الذي لجأت إليه الساحة العربيّة كبديل عن البرنامج السابق، مليئاً
بالأخطاء، ما زادَ الطين بلة، وأدّى إلى هروب كثير من روّادها إلى
منتديات أخرى، إذ كان المراقبون أنفسهم، يعجزون عن
تصفح الموقع لعدة أيام متوالية.. البرنامج الثالث الذي لجأت الساحة العربيّة
إليه، وهو الحاليّ، كان أقرب إلى النجاح من سابقه، على الرغم من بقاء بعض
الثغرات، التي لا مجال لذكرها في هذا الصدد..
وأخيراً، تسلّط كثير من الأقلام الضحلة لنشر المقالات التافهة والفارغة، الذي جعل
كثيراً من الروّاد الممتازين ينتقلون إلى منتديات
جديدة، بعدما ضاعت جهودهم ومقالاتهم، في خضم الكمّ الهائل من مقالات
الدرجة الثانية، أو حتى العاشرة!
· النموذج الثاني: سوالف - تلاميذ المدارس
يمكن تلخيص مشكلة انحسار نجاح سوالف بعنصرين: المزود، ومن بعده سياسة الإدارة
في الانتساب بعد الافتتاح الأخير.. فقد عانى منتدى سوالف طويلاً، من مشاكله
مع المزود، وفقدَ المقالات بين يوم وليلة، بعد حادثة غدر من الشركة التي استأجرَ
لديها المزود، ثم انتقاله إلى مزود جديد كان بطيئاً جعل الرواد يفرّون إلى أقرب
منتدى، وهو سحاب..
وأخيراً، وبعد طول انتظار، وحين رأت إدارة منتدى سوالف حلاًّ نأمَلُ أن يكونَ
نهائيّاً، على تكاليفه الباهظة، رأيناها حصرت الانتساب في زاوية صغيرة،
ألا وهي صفحة المنتسبين الجدُد، بحيث ينبغي على المنتسب أن يخوض التجربة في
كتابة مقالات في تلك الصفحة، ثم ترشحه الإدارة ليغدو منتسباً كاملاً،
يستطيع الكتابة في باقي صفحات سوالف. ودفع هذا الكثيرين ممّن فقدوا
أسماءهم بعد الانتقال الأخير، إلى عدم الرجوع، لأنهم لا يريدون خوض اختبار مع
جملة من تلاميذ المدارس، يتبارزون ويُنادون دائماً : أيها المراقب، متى سننتسب؟؟
فانحصرت بذلك، النسبة الغالبة من رواد سوالف، بصغار السنّ، وهو ما انعكَسَ سلباً،
على مستوى المشاركات..
· النموذج الثالث: أنا العربيّ - التخريب و
الترهيب !
لانحسار نجاح أنا العربيّ أسباب كثيرة تعزّ على الحصر، وأهمّها:
تسلط نسبة كبيرة من الأقلام المريضة والمنبوذة على منتدى "أنا العربي"، وهو ما
جعل صدى المقالات المثارة فيه يتردّد بدويّ غريب، دفع كثيرين من المعتدلين
والمتشدّدين، يهرعون إليه، كي يحاولوا إنقاذ ما أمكن إنقاذه، ولكن بلا جدوى!
فالفتنة كانت أكبر من أن يُسَيطر على شبيب نيرانها أحد..
ضياع إدارة الموقع بين هذا وذاك، وتردّدها الكبير في اتخاذ مواقف ثابتة
وناضجة، نتيجة قلة الخبرة لدى الإدارة في إدارة أمثال هذه المواقع، وخليط
عجيب من المراقبين..
كثرة التخريب الذي تعرّضَ له منتدى "أنا العربيّ"، بين ليلة وأخرى، وهذا ما دفع
إدارة الموقع كي تتحوّل رغماً عنها، إلى بيع الموقع إلى أكثر أعدائها صراحة!
وسنرى مع الأيام، كيف تجبر الظروف، صاحب منتدى للحوار العربيّ، أن يتحوّل من مدير
منتدى للفكر، إلى مجرّد هاكر، لا عمل له سوى تخريب المواقع العربيّة!!
وقد حصل هذا فعلاً، مع بداية هذا العام، وشرّ البليّة ما يُضحك..!
تخريب المنتديات
يعتقد البعض أن تخريب منتديات الحوار ظاهرة جديدة
قفزت إلى السطح، فيما لا أرى جديداً في هذه الظاهرة، إلاّ على الذين
يعيشون في البلاد العربيّة. فهذا الأسلوب سائد منذ أواسط القرن العشرين،
طبعاً ليس في إنترنت، وإنما في الشارع العربيّ الداخلي، حيث سادت
مفاهيم منع التعددية، ورفض الآخر، وتغييب الرأي. وليس الجديد في هذا
الأمر، سوى أنه غدا مكشوفاً تلحظه العيون في إنترنت، بعدما كان مستتراً
في طيّات التعتيم الإعلامي، على مجريات الأمور في الشارع.
إن الانتقال المفاجئ من وضع السجين ضمن حدود الدولة، إلى البَحـّار في
فضاء إنترنت، جعل هوّةً كبيرة تفغر فاها أمام الكثيرين.. فطالما نظر الرواد بعين
التبجيل إلى رموزهم، الحالية والتراثية.. وهاهم بدون أيّ تمهيد، يرونَ شبحاً باسم
مستعار، يتجرأ ليتناول رموزهم، وينال منها، ويرميها بشتى الصفات والنعوت، وبأدلّة
كثيرة، سواء كانت باطلة، أو مصطنعة، أو واقعيّة.. وبأسلوب أقرب إلى اللامبالاة
والسخرية، منه إلى الجدّيّة في النقاش..
فماذا ننتظر أن تكون ردود الأفعال؟؟
ردود وتخريب وخيانات بأيدٍ محلية!!
جاءت ردود الأفعال متفاوتة.. منها المتّزن، ومنها الانفعاليّ، ومنها الغوغائي،
فالأهوج.. وطاب الموت يا عرب.. أو النصر بعون الله! ولا شك أن انكشاف سرّ برنامج
منتديات الحوار للجميع، كان له أثر واسع في
الإقدام على التخريب، إذ أصبح بإمكان أي ذي خبرة في البرمجة، كشف الثغرات
الأمنية في هذا البرنامج، والتسلل إلى برامج
منتديات الحوار، وتدميرها من جذورها.. فضلاً عن خيانات كثيرة، قد يقوم بها
بعض من جهاز الرقابة نفسه، فلا شيء مستحيل لدينا.
ولعلي ألمح لدى البعض شكوكاً بأنّ بعض التخريبات جاءت من جهات غريبة ليست عربيّة،
أو حتى إسلاميّة..
ولذلك أقول: لا.. فالأيدي عربيّة 100%، وليس للغربيين -حتى الآن على الأقل- يدٌ
في هذا الذي يحصل بين منتديات الحوار، إذ لم
نصل للأسف، إلى درجة يجد أحدهم لنا وزناً، في ميزان الحضارة!
بل لعلّني أكاد أجزم أنه لو قام واحد من أعداء العروبة والإسلام، من المغرضين،
بافتتاح منتديات للحوار العربي وبقناع مسلم، فلن نجد
منتداه يحتوي على كمٍّ أكثر سوءاً من كثير من المقالات المؤسفة، التي تطرش
منتديات الحوار العربيّ، من أقصاها إلى أقصاها!
فلماذا إذن يُخرّبون منتدياتنا؟!
فلتبقَ منتدياتنا عاملاً فعالاً في تكريس التفرقة والعنصريّة والتخلف
والجاهليّة والقبليّة، وكل ما هو شائن.. ومع شديد الأسَف، فإن أغلب
منتديات الحوار، عدا القليل، تهدم ، وتُوهِم نفسها
أنها تبني شيئاً، اللهم إلاّ إذا كان القبر بناءً يُمكن أن نفتخر به!