بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في ختام الجزء السادس رحلة عبر الرمال ذكرت أنني سوف
أفرد موضوع مستقل لرحلة جون فيلبي عبر الربع الخالي
الجزء الخاص بنيزك الحديدة (ما يطلق عليه مجازاً
نيزك وبار) أو البحث عن أرم ذات العماد
في مقدمة كتابه الربع الخالي يقول الحاج عبد الله
فيلبي " فقد سيطرت على خلال خمسة عشر عاماً من حياتي
فكرة واحدة، وطموح واحد، أو بالأحرى هاجس واحد، سعيت
إلى تحقيقه دون هودة وبكل إخلاص وعناد وتفان"
يقصد هاجس عبور الربع الخالي والبحث عن مدينة وبار
الأسطورية أو أرم ذات العماد
فسمع عبد الله فيلبي الناس يتحدثون عن صحراء الربع
الخالي وأساطيرها الغريبة وتتحدث الأقاويل التي
وصلته عن خرائب تكتنفها الأسرار الغامضة في قلب
الصحراء وعن كتلة ضخمة من الحديد بحجم بعير موجودة
هناك
ألهبت هذه القصص خياله وأحدثت في نفسه توقاً شديداً
لا يقاوم لاستكشاف آثار تلك المدينة المنسية القديمة
في الصحراء التي ربما تحكي قصة ماضي الجزيرة العربية
البعيد الذي لم يتعرف عليه أحد بعد وكان المؤرخون
القدامى مثل ياقوت الحموي والهمداني قد ذكروا قصصاً
عديدة غريبة وأساطير عن تلك المدينة
وكان لديه طموح جارف بأن يكون أول معاصر يعبر صحراء
الربع الخالي
حيث كان يطلب من الملك عبد العزيز رحمه الله الإذن
له بعبور الربع الخالي، لكن الملك لم يوافق على ذلك
حتى عام 1931 حيث رأى الملك في ذلك طريقة مفيدة لرسم
خريطة لمملكة واستكشاف الأنحاء غير المعروفة منها
لم يكن لفرح عبد الله حدود بموافقة الملك على رغبته
ولكن تعرض لأكبر احباط حيث بلغه أن المستشرق
البريطاني بيرترام توماس قد نجح في عبور الربع
الخالي بدأ من ظفار بعمان جنوباُ حتى ساحل أبو ظبي
شمالاً 1931 لكن الأمل لم يفارقه, إذ أن توماس لم
يعبر قلب الصحراء
لكن عبد الله فيلبي عرف أن عبور الصحراء لن يحدث بين
ليلة وضحاها, بل يحتاج إلى دراسة متعمقة وتخطيط طويل
قبل الشروع به لذلك ظل سنوات وهو يعد العدة لذلك
وبعد سماعه الموافقة الملكية لم يضيع وقتاً فسرعان
ما توجه للهفوف للقيام بالاستعدادات النهائية
لرحلته، التي أستغرقت أسبوعين كان خلالها يرسم خريطة
الأحساء ويسجل ملاحظاته في دفتر يومياته, فيما سرت
الأخبار في كل مكان لاستدعاء الرجال اللازمين
لمرافقة عبد الله في الرحلة
وسرعان ما دقت ساعة الصفر, وكانت معنويات عبد الله
مرتفعة جداً وهو يمضي قدماً نحو هدفه الذي طالما تاق
إليه وهو عبور الربع الخالي والعثور على مدينة وبار،
كان معه 15 من المرشدين والأدلاء (بعضهم عرضوا عليه
أن يرشدوه إلى المكان الذي عاقب الله فيه قوم عاد في
وسط الربع الخالي) حين انطلق من الدليقية, كما كان
أربعة ينتظرونه للانضمام إلى ركبه في الجنوب, مما
رفع عددهم إلى 19 رجلاً معهم 32 بعيراً يحملون مؤونة
من الزاد والماء تكفيهم ثلاثة شهور، طعامهم الرئيسي
في رحلتهم كان التمر والرز كما حملوا معهم بين أشياء
أخرى الملح والشاي والفلفل والقرفة والزبدة والشاي
والسكر والهال والبصل
كانت بداية الرحلة في شهر يناير الشديد البرودة في
تلك الصحراء ولقد سجل ميزان الحرارة الذي مع عبد
الله برودة وصلت 5 درجات تحت الصفر حيث أن قِرِب
الماء الجلدية التي معهم تجمدت حتى الصلابة وكان
عليهم وضعها بجانب نارهم لإذابتها وتحضير قهوتهم
والرمال كانت من البرودة لدرجة جعلتهم يشعرون بثقوب
حارقة في أقدامهم وكأنها تكوى بإبر محماة حتى
الاحمرار غير أن الجو في غضون أيام قليلة أصبح حاراً
بشكل لا يطاق، كان الوقت حينها بداية شهر رمضان
المبارك واتفق الركب جميعاً على صومه غير أن خمسة
منهم فقط صاموا أيام الشهر الثلاثين كلها منهم عبد
الله، أما البقية فكانوا يفطرون منتصف النهار بين
الحين والآخر
كانوا يتوغلون في الصحراء أكثر مع مرور كل يوم
ويعبرون السهول الملحية المنخفضة باحثين عن الواحات
ويسجلون كل الآثار التي يمرون بها إلى أن وصلوا قرية
يبرين وعند الحد الأقصى للقرية جنوباً في تلك الرمال
استقبلهم بدوي يعيش مع عائلته، رحب بهم البدوي وذبح
لطعامهم حواراً, كما أهداهم أيضاً كلباً رافقهم طوال
رحلتهم وساعدهم في صيد أرنب بري بين الحين والآخر في
تلك الصحراء القاسية ومن هذا المكان كان العبور
الحقيقي للربع الخالي قد بدأ
طوال أيام سفرهم كانوا يحصلون على الماء من الآبار
وكان كثير منها مطمورة بالرمال مخفياً عن العيون إلا
عيون الأدلاء وقصاصي الأثر من أل مره الذين رافقوه
ولم يضيع عبد الله في رحلته فرصة لجمع الأحافير
والعينات صخرية لإرسالها إلى لندن للدراسة
كان عبد الله فيلبي في بحث دائم عن مدينة وبر
الغامضة الضائعة فيما كان يتقدم جنوباً وليس لديه
سوى أدلة مبهمة عن وجود المدينة وبالاعتماد على ما
توفر لديه من معلومات, حدد موقعين محتملين على
الخريطة لوجود المدينة أحدهما علمه على الخريطة قبل
أربع عشرة سنة إعتماداً على الإتجاهات والمسافات
التي أخبرها به دليله في رحلة وادي الدواسر
وعندما وصلوا على بعد ميل أو ميلين من أحد الموقعين
المتوقع أن يكون وجود مدينة وبر القديمة فيه، نصبوا
خيامهم بعيداً قليلاً عنه
في اليوم التالي تقدموا أكثر في إتجاه المدينة
الخربة، وفي تلك اللحظة كان عبد الله ينظر ليس إلى
خرائب مدينة قديمة بل إلى فوهة بركان، وكانت هناك
فوهتان تحيط بهما الخبث واللابة
كان هذا ما تصوره في البداية ويقول " لم أدر ماذا
أفعل : هل أبكي أم أضحك، مع أن المنظر نفسه كان قد
شدني وأسرني تماماً ... المنظر الذي بدد أحلام
السنين! إذاً هذه هي وبار! مجرد بركان في الصحراء!
... وعلى أن أقر بأن الفوهتين الممتلئتين بالرمال
وما يحيط بهما من حيطان الخبث المرتفعة، تشبهان إلى
حد كبير بقايا قلاع محطمة"
وبتمعن أكثر وقع عبد الله على شظية معدنية كبيرة,
كان واضحاً أنها جزء من نيزك ضخم وهذا ما قاده
لاستخلاص أن فوهات وبر لم تكن بركانية وإنما قد يكون
سببها ارتطام نيزك ضخم بالأرض ويطلق البدو على هذه
المنطقة حديدة والبئر المحفور بقربها بئر أم الحديد
نيزك الحديدة
الموقع في الربع الخالي قرب بئر أم الحديد
الإحداثيات
N 21 29 59
E050 28 20

خريطة تبين موقع النيزك بقرب بئر أم الحديد الواقع
في منتصف الخريطة

رسم
تفصيلي لموقع نيزك الحديدة مبين الفوهات النيزكية
الثلاثة التي غطيت بالرمال المتحركة
الفوهة B قطرها 116 متر، بينما الفوهة A قطرها 64
متر، والفوهة الثالثة بقطر 11 متر
كذلك مبين موقع نوعان غير عاديان من الصخور هما
صخر الزجاج الأسود وصخر ارتطامي (مكون من إختلاط
مكونات النيزك مع الرمل المصهور) تكونا نتيجة سقوط
النيزك

صورة
في طرف الفوهة A تبين قطع صخر الزجاج الأسود وصخر
ارتطامي ألتقطت عام 1994 خلال رحلة عبور الربع
الخالي من قبل فريق الزاهد -همر

صورة
الفوهة ذات القطر 11 متر
من موقع
مركز ماس أنقل التالي :
" لقد كان فيلبي في حقيقة الأمر يقف في موطن كارثة
هبطت من السماء، ففي هذا المكان اصطدم نيزك ضخم
بالأرض، وقد وصفه عالم الفلك الأمريكي (أويقن
شوماخر)، الذي زار الموقع في عام 1994م وعام 1995م
وأجرى اختبارات علمية عليه، بقوله: ( فجأة ظهر في
الأفق المظلم نقطة ضوء، كانت في بادئ الأمر على
هيئة وميض برق، ثم تحولت إلى كرة ملتهبة، وسرعان
ما كبر حجمها، وانشطرت في النهاية إلى أربع كرات
ملتهبة، وفي اقل من لمح البصر تناثرت شظايا ملتهبة
في أفق السماء، مما أحدث ضجيج صاخب ارتجفت له
الأرض، فتطايرت بسبب قوة الضغط حبات الرمال
والأحجار بكل اتجاه، وتناثرت الأجسام الملتهبة في
كل مكان...، مما أدى إلى تكدس أجسام على هيئة نبات
الفطر في محيط اصطدام النيزك)
وفي ضوء عدم تساوي أشكال ثلاث من الفوهات الناتجة
جراء اصطدام النيزك بالأرض، استنتج ( شوماخر) من
ذلك أن النيزك نزل بزاوية حادة من الجهة الشمالية
الغربية، وبسرعة تتراوح فيما 11-17 كيلو متر في
الثانية الواحدة، أي أن النيزك الذي كان يزن
35.000 طن على اقل تقدير دخل إلى الغلاف الجوي
بسرعة تتراوح بين 40.000 إلى 61.000 كم في الساعة،
وفي أثناء سقوط النيزك تزايدت سرعة اندفاعه إلى ما
يماثل انفجار 100.000طن من مادة (TNT)، أو بعبارة
أخرى ما يعادل القوة الاصطدامية لثمان قنابل نووية
من تلك التي أسقطت على هيروشيما
يرسم تخيلي لسقوط النيزك منقول من مقالة نشرتها
مجلة Scientific American
لقد أدت الحرارة المرتفعة المنبعثة من جسم النيزك
إلى تحويل حبات الرمال في جزء من الثانية إلى
صخور، وسرعان ما تحولت بفعل قوة الضغط إلى أحجار
كواترز بلورية الشكل، وأثناء حدوث ارتطام النيزك
بالأرض كانت حرارته تتراوح ما بين 10.000 إلى
20.000 درجة، مما أدى إلى انصهار المادة الملتهبة
لجسم النيزك واختلاطها بحبات الرمال، فتطايرت
المادة بضع كيلومترات نحو السماء، ثم انهمرت
نزولاً على هيئة خبث مزجج آخذة شكل خرز اسود اللون
متناثراً على سطح الأرض"

عينات
من نيزك الحديدة
ويورد عبد الله فيلبي أن النيزك سقط في عام 1279
هـ الموافق 1863 م بناءً على روايات البدو
ولكن بناء على حسابات معدل تغطية الرمال للفوهات
والأبحاث المخبرية وتحليل أجزاء من بقايا النيزك
فإن زمن سقوط النيزك حصل قبل 235 و 416 سنة من
الأن
ولكن هناك شواهد شعرية تحدد زمن السقوط كان عام
1116 هـ الموافق 1704 م أي قبل 300 سنة (أتذكر
أنني قرات هذا في شعر لأحد الشعراء من تريم في
اليمن ولكن فقدت الموقع وأسم الشاعر) وهو يتوافق
مع التحديد العلمي السبق
ولكن البعض يرجع سقوط النيزك هذا النيزك قبل 6400
سنة
الفوهة A كما أسماها فيلبي يلاحظ عدم إمتلائها
بالرمال


نفس الفوهة A وهي ممتلئة بالرمال صوة ملتقطة عام
1414 هـ الموافق 1994 م
القيمة العلمية
لنيزك الحديدة
من بين المئتين (200) فوهة نيزكية المكتشفة على
سطح الأرض يعد نيزك الحديدة أحد 17 نيزك محتفظاً
بالجسم الأصلي للنيزك رغم الإرتطام بالأرض
لذا حرصت المتاحف والجامعات على الحصول على قطعة
منه، فقد بيع جزء منه (يطلق عليه نيزك نجد) إلى
المتحف البريطاني عام 1303 هـ الموافق 1885 م
ولقد سلم عبد الله فيلبي كتلة الحديد والمواد التي
جمعها من وبار إلى الملك عبد العزيز رحمة الله
الذي بدوره أهداها إلى المتحف البريطاني
في الموقع وبار المعلومات الكاملة سرد لقطع النيزك
الموجوده في الجامعات والمتاحف مع أوزنها وأكبرها
توجد في جامعة الملك سعود متحف كلية العلوم بوزن
2.4 طن كقطعة واحدة أكتشفت عام 1965 م كانت موجود
على بعد 400 متر من الفوهة B أطلق عليها أسم سنام
الجمل
إفتراءات حول
النيزك
كما هو دأبهم في الكذب فقد
أدعى موقع صهيوني أن نيزك الحديدة هو نتاج من سقوط
النيزك أولا في فلسطين
الحبيبة
ثم طار (سبحان الله) ليسقط بعد 9 دقائق في الربع
الخالي راجع
الموقع التالي لتراى كذبهم
كذلك أدعى البعض أن الحجر الأسود هو قطعة من نيزك
الحديدة وهو إفتراء نعرف حق المعرفة أنه مردود
عليه وهو كذب وإفتراء (في مقالة نشرتها مجلة
Sky and Telescope تحت مسمى نيازك غيرت
العالم)
قطع النيزك
معروضه للبيع لمن يدفع
توجد
عدة مواقع تبيع قطع من نيزك الحديدة مع قطع أخرى
مثل
Wabar Iron Meteorites for Sale
ولكن أدعوا الجميع لزيارة هذا الموقع
WABAR GLASS: the Pearls of Al'Ad المتخصص في
بيع قطع نيزك الحديدة وذلك لمعرفة كيف تباع أثارنا
!!!
تم الإستعانة بالمقالة
يوم فوجئ الرمل بالنار
والموقع
The Wabar Meteorite Impact Site
أبو مروان
_________________________________________
ورد المرشد
عندي طلب ياابو مروان بسيط الا وهو تحديد إحداثي
الفوهتان A,B لأن الموجود في الخريطة السابقة
إحداثي بئر أم الحديد أما إحداثي قلمة ام الحديد
فهو كالتالي N21,38,37
E050,36,09
والمسافة بين القلمة والبئر بحدود 20كلم تقريباً
والقلمة كماتعرف بأنها لم تحفر بواسطة شركة ارامكو
الا بعد البئر بحدود 1961م تقريباً
وكان ردي
بخصوص
إحداثيات النيزك
لم تتوفر الظروف المناسبة لذهابي لمنطقة نيزك
الحديدة رغم عزمنا الذهاب لذلك الموقع، لذا
الأحداثيات التي أوردتها في البدية من الشبكة من
عدة مصادر وهي تبعد ما يقارب 800 متر جنوباً عن
الفوهة A والتي تقع على بعد 200 متر شمالاً عن
الفوهة B
وأورد الجيولوجي Jeff Wynn (في الرابطة أدناه)
الذي زار الموقع أكثر من ثلاث مرات إحداثيات أقرب
بـ 400 متر وهي كتالي
N 21 30.153
E050 28.445
وهي أقرب أحداثيات للفوهات وأدقها
|